يوم الأربع اللى فات كنت خلاص... خلصت مشاوير القاهرة و راجع أسكندريه الجميله ... لسوء حظى الكلام ده كان لساعه أربعه العصر, رحت محطه القطر أحجز تذكره ، لقيت أول قطر الساعة سته بليل ، قلت خلاص.. عليك و على النعش الطائر يا بوبهظ
توضيح هام
لمن لا يعرف محطه رمسيس – البلوج أصله بقى دولى- فالمحطه من ساعه ما قدمنا ملف الصفر فى كاس العالم ، و التخطيط فيها بقى غير أدمى، بمعنى أسوار طويله و كتير بتحد من حركه المشاه ..بتخليك تمشى ما لا يقل عن ميه و خمسين متر من ساعه ما تنزل من مواصله علشان تروح لمواصله تانيه كل اللى يبعدك عنها فعليا هو عشرين متر، و برضه من ساعتها شالوا ميكروباص الاسكندريه بصوره رسميه، فقامت حركه ميكروباصات من أجل الأجرة ، و بقى فى جراج معفن يلم الميكروباصات و يحملها و يحميها من بلطجه أمناء الشرطه
نرجع تانى
انا كنت مسافر الاسكندريه الساعه أربعه العصر من رمسيس و دخلت الجراج المعفن علشان أركب – شوفتو التوضيح كان حلو أزاى- المهم ، لقيت بشر كتير واقفين قدام باب الجراج و جوه الجراج و فوق الجراج و لا كأننا فى يوم الحشر – خللى بالك أحنا فى الصيف- سوق و بشر و عالم قايمه و عالم نايمه .. جمهوريه كامله متكامله داخل الجراج، كل ده جميل و يحسسك بالحميميه لغايه ما يجى ميكروباص، هووووب... تطلع الانياب و تتشمر القمصان ، تلاقى الناس بتجرى تمسك فى باب الميكروباص و السواق يفضل يمشى بالحته بتاعته، و الناس بتلاحقه، و كأنه نبى ،و كأن باب الميكروباص فجاه بقى باب الكعبه ، و مش مهم اللى يداس و اللى تتفعص و اللى يضرب و اللى ينضرب
وسط كل ده لقيت ست كبيره لابسه عبايه سودا و قاعده على كرتونه و جنبها أكياس سودا شكلها تقيل صعبت عليّا ، قلت لازم أتصرف، رحت رايح على المكتب الوحيد اللى فى الجراج
لو سمحت ممكن أكلم المدير
ينظر الىّ رجلان ببلاهه
أكمل : هو لو ممكن ننظم طابور بدل البهدله دى ، فى ستات كبيره و رجاله عواجيز و مش عارفين يركبوا
صوت ضحكه عاليه يتوسطها عين غريبه : هعا هعا هعا هعا ... أتفضل يا محترم
يتفضل المحترم اللى هو انا الى الداخل ،و ياخدنى الراجل لأوضه جوه، و يستقبلنى فيما يبدو مدير أو صاحب الجراج، تفضل يا أستاذ
بص يا باشا – أبدأ انا الكلام- ليه يا باشا ماتعملوش طابور علشان الناس تركب ،بدل البهدله و قله القيمه دى، يعنى نحترم نفسنا – أحنا يا باشا- و نبقى بنى أدمين
يرد الباشا: و الله يا محترم ماحدش يكره، بس مين يسمع، إحنا غلبنا نحاول فى ده، بس أصل شعبنا دة شعب -إبن ست مش نظيفه- و مبينفعش معاه الذوق و الأحترام، الكلام اللى سعادتك بتقوله ده سنه الفين و عشرين يدينا و يديك طوله العمر
فى سرى أهمس ياريت
المحترم: مين بس قالك كده، روح العباسيه موقف حلوان ، و شوف الاحترام... الناس بتيجى تقف طابور لغايه ما يجى الميكروباص ، و يقف الميكروباص قدام الطابور و يحمل أول أربعتاشر واحد و الكلام ده بيحصل فى رمضان قبل الفطار أحيانا ، و كل ده على حد علمى بسبب واحد أسمه سيد اللى ماسك الكارته بتاعت الموقف ، هو الى أجبر السواقين على أنهم ما يخدوش ركاب غير من الطابور ، فإضطرت الناس أنها تقف صف، و الكلام ده بقاله سبع سنين تقريباً ..سيد ساب الموقف و النظام فضل زى ما هو
الباشا: و اله محدش يكره... تعرف أنت توقف طابور
انا: بشرط... تخللى الميكروباصات متدخلش و تحمل من غير الطابور...بعد أذنك ، بس كده و أدينى خمس دقايق
قام الباشا من مكتبه و طلع فى فراغ الموقف ... يا سيد، يا كعبوره، فلافيلو... بصوا الأستاذ هيوقف الناس طابور و محدش يركب عربيه واحده من غير الطابور
بأعلى طبقه صوت عندى : يا جماعه ... لو سمحتو ... عاجبكم البهدله اللى أنتوا فيها دى... تعالوا نقف طابور ورا الحاجه – الست اللى لابسه أسود- و العربيات لما تيجى هنركب كلنا واحد ورا التانى من غير بهدله و قله قيمه
واحد رزل قعد يضحك بصوره هيستيريه، انا أتعصبت ، قمت مقرب منّه ... خير ، بتضحك ليه... هو انا بقول نكته ... انا بحاول أخليك تتعامل بأحترام... بتضحك ليه هو فيه حاجه انا قلتها غلط.... لو سمحت تعالى نقف طابور ورا الست الحاجه
واحد تانى قاللى طابور أيه يا أستاذ، انا كنت فعلاَ متنى الى زى أخينا ده، قلتله ؛طابور يا أستاذ يحترم كرامتك و كرامتى....طابور ميخليش الحاجه اللى زى والدتك دى تتبهدل ... أنت يرضيك أن أمك علشان تركب المواصلات يحصل فيها كده
كنت خلاص قربت أقنع الناس ، سكوت كامل يسود الجراج...ناس بتفكر و أتباع بدأت تظهر...هووووب ... دخل ميكروباص الموقف... و ظهرت الأنياب و أتشمرت القمصان و عادت ريما لعادتها القديمه
قلت فى سرى مش مهم... أخد الزباله و راح... المره دى غيرت الأستراتيجيه و خليت دعوتى حميميه، و رحت أول حاجه لمجموعه من الستات فى الاربعين أو أواخر الثلاثين ..أيه رأيكم فى حكاية الطابور دى.. قاللولى و الله جميله، قلتلهم طيب انا محتاج شويه مساعده.. ممكن أطلب منكم تقفوا ورا الحاجه و تصبروا شويه لغايه ما أجمع الناس
الحمد لله وقفوا ، كده الطابور أبتدى بأربع بنى أدمين... رحت لواحد تانى معاه واحده -شكلها خطيبته-ها ما تيجى معانا بدل البهدله... سمع الكلام و راح.. كده الطابور فيه سته أنفار
نقيت راجل كده شيك فى نفسه و رحتله .. ها تحب تجرب معانا الطابور...طااااابور مين يا أستاذ... البقف طلع جزار... انا مستعجل و مش بتاع طوابير، و انت فاكر ان الناس تنفع تقف طابور
رديت الطابور أهوه فيه سته... و معاك هنبقى سبعه...قاللى طب بص على الطابور بتاعك... لقيت ميكروباص جه و الناس اللى فى الطابور طلعت تجرى علي هو الحاجه لسه قاعده على الكرتونه
فوضت أمرى الى الله و قلت أروح أساعد الحاجه و خلاص... قربت منها ... لقيت راجل كبير كمان قرب منها و قالها... ياما انا جبت السنكوتشات... قامت الحاجه بكل نشاط و جريت هى كمان على الميكروباص
فجاه تحول الكون الى لأ كبيره، و انا مركزه و الكاميرا على الجريل بتبعد و انا فى منتصف الصوره أصرخ ياولاد الكلب... الرحمه
واحد أسكندريه عصافره... واحد أسكندريه عصافره... أفيق من غيبوبه الالم... أيوه انا واحد أسكندريه و رايح عصافره...أتفضل يا باشا و ركبت الميكروباص و ماكانش فاضل لا واحد و لا حاجه كان فاضل أتنين...ركبت و ركبت جنبى بنت شيك... بصيت للخلق فى الخلف و أبتسمت وغمزت للقدر السعيد، و لعنت فى سرى الشعب المصرى