فى يوم مشمس من ايام الشتاء كنت شايل شنطتى و مسافر من أسكندريه للقاهرة اللى منها هروح للعاشر من رمضان ، تفاصيل مالهاش لزمه غير انها تعرفك شكل اللحظه اللى انا فيها فى محطه رمسيس و خرمان معيش سجاير و مستعجل أروح العاشر.
رحت لأقرب كشك سجاير و طلبت بكل ذوق علبه روثمان أزرق ... كان فى اتنين واقفين ... قاللّى واحد منهم إن مفيش روثمان... شفت أن فى فايسروى فطلبت علبه قام الراجل مديهالى و محاسبنى عليها بأربعه جنيه و نص.
لغايه هنا الموضوع مفهوش حاجه غير أنه أخد منًى ربع جنيه زياده على تمن العلبه اللى تمنها أربعه و ربع بس، انا بكل ذوق برضه قلتله أن العلبه دى بأربعه و ربع مش و نص و أن انا ليا ربع جنيه كمان ، انا كنت مصر على حقى و هو اتنرفز ... و عاجبك عاجبك مش عاجبك أخبط دماغك فى الحيط ... بقولك ايه مبنبعش سجاير و خد فلوسك يلا من هنا.
هبيت فى الراجل و قولتله: انت بتزعق ليه .. انا معليتش صوتى عليك و مطلبتش حاجه اكتر من حقى ... انت مالك ... خد يا عم سجايرك ... الله الغنى.
رحت الكشك اللى جنبه و انا متنرفز ... لو سمحت علبه روثمان أزرق ... لقيت عنده علبه .. إدهالى و أخد خمسه جنيه و نص ... يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم ... العلبه اساساً بخمسه جنيه .. بكل ذوق سألته ليه بتبعهالى بخمسه و نص و هى تنمها خمسه ... الراجل بكل ذوق قاللى و اللهى مفيش سجاير فى السوق و إحنا بنجيبها من بره و لو مش عايز خلاص بلاش تشتريها.
مسكت اعصابى و اديته الخمسه جنيه و نص، و مشيت بتحسر على حقى الضايع ... و خلاص هركب أروح العاشر ... بس مقدرتش ... حسيت بطعم مراره جامد فى زورى .... مخنوق جداً... رحت على قسم الازبكيه... وقفت قدام القسم ومش عارف أعمل ايه ... انا مش عارف أيه عواقب الخطوه دى.
المهم دخلت القسم و قابلت عسكرى على الباب.
العسكرى : أيوه يا أستاذ عايز أيه
انا: يا سيدى القصه أن انا رحت أشترى علبه سجاير و كذا كشك أصر أنه يبعهالى أغلى من سعرها
العسكرى: يعنى أنت عايز تعمل محضر تسعيره ... جوه على الشمال
انا: إذا كان إسمه كده .. ماشى
المهم دخلت جوه ده قابلنى صول طلع إسمه إبراهيم بعد كده
الصول: أيوه يا أستاذ
انا: انا عايز اعمل محضر تسعيره
الصول: يعنى أيه محضر تسعيره
( المهم حكيت تانى القصه)
الصول: جوه على اليمين عند النقيب
دخلت للنقيب و لقيت ناس كتير و الراجل وراه شغل ... المهم بصللى و قاللى بكل صرامه .. أيوه يا أستاذ
انا: سعادتك انا كنت جلى من أسكندريه و رايح أشترى علبه سجاير
النقيب: انت هـتهزر ...جاى من أسكندريه تشترى علبه سجاير
انا: لا سعادتك انا قصدى إنى أفهمك إن انا مش من المنطقه ... المهم ان انا رحت كشكين علشان أشترى سجاير الاول مغللى عليا ربع جنيه فى العلبه و التانى مغللى نص جنيه و مش راضيين يبيعوها بسعرها الاصلى و علشان كده انا جيت هنا علشان أخد حقى.
النقيب: يا محمدج روح مع الاستاذ و هاتلى العيال دى هنا ... روح معاه يا أستاذ و وريه العيال دى ... و إياك تتنازل عن حقك.
المهم رحنا أنا و محمد و فعلا شاورت على اللى زعق معايا فى الاول و اللى فى الكشك التانى و رجعنا القسم ... انا كنت متضايق قوى إن الموضوع وصل للمرحله دى ... انا مفيش حد يعنى تحرش بيا زى نهى ... و الموضوع كلله فى نص جنيه ... انا و الله مش فارق معايا النص جنيه ... بس اللى فارق معايا هو حقى فى إنى أتعامل بأحترام فى أم البلد دى.
النقيب : انت ياد أنت و هو ... أنتوا بعتوا للراجل ده سجاير أغلى من تمنها
الراجل التانى (الاول هو الكشك الاول و التانى هو الكشك التانى): أيوه يا باشا
الاول : انا مبعتلوش حاجه
انا: سعادتك انا رحت أشترى منّه و مرضيش يبعللى إلا لو دفعت ربع جنيه زياده و التانى كذلك فأضطريت أشترى من التانى العلبه أغلى نص جنيه
النقيب: صحيح الكلام ده
الاتنين ( حطوا وشوشهم فى الارض): أيوه مزبوط
النقيب: يا إبراهيم ... اعملهم محضر غش تجارى ( مطلعش يعنى محضر تسعيره) و روح معاهم يا أستاذ و إياك تتنازل.
خرجت مع إبراهيم لفناء القسم .. و هنا عرفت ليه النقيب فضل يقوللى إياك تتنازل عن حقك ... الضغط كان كتير .. اللى يقولك حرام و اللى يقولك إيه الواد البخيل،كل ده على ربع جنيه .... بصراحه اللى إدالى العزيمه هو ملازم موجود فى القسم ... داخل بيسأل إبراهيم هو فيه إيه... شرح له إبراهيم القصه ... قام مطلع المحفظه و قاللى يا سيدى ادى الربع جنيه .. مين اللى عايز ربع جنيه.
انا إنفجرت فى وشه ... يعنى بذمتك انا ههز طوللى و اعطل مصالحى على ربع جنيه .. انت باين عليك مش فاهم حاجه ... انا عايز حقى مش عايز أتصالح ... القصه مش فى الربع جنيه القصه فى مبدأ بس يظهر إنك مش فاهم حاجه خالص... و قبل ما اديله فرصه يرد قمت داخل على النقيب تانى و قايله ... يا باشا الناس اللى بره عماله تتحايل علّيا علشان أتنازل و منهم ناس عندك فى القسم.
النقيب قام من الكرسى و طلع بره و تقريباّ سبلهم الدين و الدنيا و اللى هيقرب من الأستاذ أو يقولله إتنازل هيعرف شغله معايا.
طبعاً .. إبراهيم إبتدى يشتغل على طول و بطل دلع ... وهاتك سين و جيم .. سين و جيم ... زى الافلام بالضبط.
جيت فى النص ... و ضعفت ... يا ترى اللى انا بعمله ده يستحق... كل ده على نص جنيه ... الموضوع مش مستاهل... هم كده خلاص إتعلموا الدرس ... كفايه كده ... و ابتدى الاولتنى يدمع كده شويه ... صعب عليا قوى .. انا على فكرة مشتكيتش قلله أدبه .. انا إشتكيت إنه بس مبعليش العلبه بتمنها... قمت داخل تانى للظابط ... قولتله ...و الله انا مش عايز الربع جنيه ... انا كل اللى عايزه إنهم يتعلموا درس و يفهموا إن الظلم وحش حتى لو فى ربع جنيه ... قاللى عارف لو انا سبتهم ... هيرجعوا و مش هيتعلموا حاجه .... انا بشوفهم بيسرقوا الناس بس محدش بيشتكى ... فمقدرش أعمل حاجه .. كل شويه أجيبهم و أهزئهم شويه ... لكن مفيش حد بيشتكى من اللى بيحصل ... دول يترموا فى التخشيبه للصبح و بكرة يدفعوا غرامه و يعرفوا إن الله حق ... و غيرهم هيعرف كده كمان .. انت كده بتساعدنى فى شغلى ... مش مهم إنهم يعرفوا الصح من الغلط ... ممكن جدا يطلعوا و هم مقتنعين إن هم اللى مظلومين ... بس شوف بقى السوق هيحصل فيه ايه بعد كده ... غيرهم كمان هياخد الدرس ... انت مش كتبت أقوالك ... و مضيت عليها ... يلا انت إلحق و مالكش دعوه ... سيبهومللى.
انا خرجت من عنده و مش عارف ياترى ده كان صح و لا غلط ... ياترى انا ظلمتهم و كنت قاسى و عملت ده للإنتقام و الا ده الصح بس علشان محدش بيعمله فانا حاسس بتانيب الضمير ... و يا ترى هما مسئولين عن الوضع ده و لا لأ.
بجد لسه محتار